حب ام عذاب

المساهمات : 121 تاريخ التسجيل : 29/05/2008

سؤال ابدأ به هذا الموضوع الذي يتحدث عن الحب أحادى الأبعاد .. أو بمعني آخر .. الحب من طرف واحد .. عندما ينجح كيوبيد في أن يلقي بسهم الحب الذهبي في قلب المحب ثم يرشق المحبوب بالسهم الرصاصي المضاد .. فيغدو طرف لا يتخيل الحياة بدون حبيبه و يغدو الطرف الأخر و هو لا يتخيل الحياة مع الطرف الأول أو علي اقل تقدير لا يلقي له بالا و لا يلتفت له كما لو انه طيف أو فراغ .. فتبدأ من هنا مأساة الحب من طرف واحد
و قد اجتمع كل من وقع في هذا النوع من الحب علي انه حب حقيقي له كل مقومات الحب التقليدي الذي يعرفه بقيه الناس ..من سعادة و انتظار وسهر و دموع و أحلام ورديه بالعش السعيد و لكن كلها من طرف واحد أيضا, بل و للحب من طرف واحد النصيب الأكبر من التفكير في المحبوب و الشوق له و التفكير فيما يرضيه و فيما يزعجه طوال الوقت إلى أن تبدأ الكرامة في أن تلعب دورها الخفي. فها هو المحب يتنفس حب و لسان حاله لا يقول سوي "احبك" و عيناه لا تكف عن الإفصاح عن مكنون نفسه من حب دفين " فالصب تفضحه عيونه" و عندما يستمع إلى أم كلثوم تشدو " حيرت قلبي معاك و أنا بداري و اخبي .. قلي اعمل إيه وياك ولا اعمل إيه ويا قلبي .. بدي اشكي لك من نار حبي .. بدي احكي لك ع اللي ف قلبي .. و أقولك ع اللي سهرني و أقولك ع اللي بكاني و أصور لك ضنا روحي و عزه نفسي منعاني " فتفلت منه تنهيده قلب حزين و قد حركت كلمات الاغنيه ما يختلج في صدره من مشاعر و لفتت له نظر الغادي و الرائح و الوحيد الذي لا يلتفت ولا يدرك هو المحبوب الغير مبال .. فيا خلي القلب يا حبيبي
و عند هذا الحد تتزعم الكرامة معركة الحب فتنهيها بالضربة القاضية.. فتقول كرامه المحب له و هو تلومه و تقرعه .. "كيف تهين نفسك بحب كهذا؟ .. كيف تفعل بنفسك ذلك؟ هل هانت عليك نفسك و قلبك و مشاعرك إلى الحد الذي تبذرها فيه لمن لا يستحقها كهذا المحبوب ؟ من هذا المحبوب كي تغرق في حبه حتى أذنيك و هو لا يكاد يشعر بوجودك ؟" و هنا يبدأ المحب في التراجع عن حبه أن استطاع .. أو علي الأقل يفقد الأمل في أن يشعر به حبيبه ذات يوم .. فيكتفي بصداقته أن كان قوي أو يبتعد عنه للابد كي يقضي علي كل ما يصله به في دنيا البشر
و أعرف أكثر من مثل عاش قصه الحب من طرف واحد حتى الثمالة و لم يجني منه سوي ذكري حب حكم عليه بالإجهاض قبل أن تكتمل معالمه. صديقه ظلت علي حبها طوال خمس سنوات ليس فقط دون أن يشعر بها و لكن دون حتى أن يعرفها .. كان يجلس جوارها في المدرج فتتوقف دنيتها عن الحركة و تكف شمسها و أرضها عن الدوران و تتحول عقارب الساعة إلى متبارون في حلبه ماراثون .. فها هو عقرب الثواني لم يعد له وجود و عقرب الدقائق ركب صاروخا و كل أملها في عقرب الساعات و دائما ما يخذلها و يصل إلى محطته أسرع مما تتخيل, و علي الطرف الآخر .. محبوبها الأثير لا يعي وجودها و يجلس بالمدرج ليستوعب المحاضرة تماما فتنتهي و يغادر و هو لا يعلم أن بجواره كانت تسكن اكثر أهل الأرض حبا له و حرصا عليه.. أتذكرها حين كانت تهرع إلى لوحه النتيجة لتعرف نتيجته و تطمئن عليه قبل أن تري نتيجتها و أتذكر اكثر كم بكت حين رسب ذات عام و دعت علي نفسها بان ترسب هي و ينجح هو!! و كم من مره عرض عليها الأصدقاء أن يقربا بينهما دون أن يؤثر ذلك علي كرامتها في شئ إلا أنها رفضت .. و انتهت سنوات الدراسة و هي لا تعرف عنه سوي اسمه الثلاثي الحبيب و شكله الذي لا يفارق عقلها ولا قلبها في يقظتها ولا نومها و هو لا يعرف عنها أي شئ .. لا اسمها ولا شكلها!! و بالرغم من كل هذا فهي تصر علي انه حب عمرها الوحيد الذي لم تحب و لن تحب سواه و تصر أيضا علي أنها غير نادمه علي سنوات عمرها بل و الأعجب أنها سعيده أنها لم تتعرف عليه عن قرب .. فلعلها حين عرفته عن قرب كرهت منه ما أحببته دون أن تراه أو تختبره و قد يقلل ذلك من حبه في قلبها
و مع كل ذلك فأنا لا أعتبر هذا النوع من الأحاسيس إلا دربا من دروب العذاب .. فكيف أحب من لا يحبني و يبادلني شعوري بخير منه؟ و كيف أتلوع بحبي وحدي ؟ و لماذا؟
هل هذا حب أم عذاب؟